الصُّوْرَة في الشِّعرِ الجَاهِليِّ | حِوَار مع البَاحثِ التُّونسيِّ د.الحبيب الدّريدي
تاريخ التحديث: ٢٤ مارس ٢٠٢٢
حاورَهُ: أنس الأسعد
ومَا إنْ فَضْلَةٌ من أذرِعاتٍ كَعينِ الدّيكِ أحصَنَها الصُّروحُ مُــصَفَّـقَـةٌ مُـصــفّــاةٌ عُــقارٌ شــآمـيّـةٌ إذا جُــلِــيَــتْ مَــرُوحُ إذا فُـضّتْ خواتـمُـهـا وفُـــكّـتْ يُــقـالُ لـهـا دمُ الـوَدَجِ الـذّبــيـحُ ولـا مُـتَـحـيّـرٌ بـاتَــتْ عليـهِ بــبـلـقَــعـةٍ يــمانــيَـةٌ نـَـفـوحُ خلافَ مَصابِ بارقةٍ هَطولٍ مُخالـطَ مائِــهـا خــصَـرٌ وريــحُ بــأطـيـبَ مـن مُــقــبَّـلِـهـا إذا ما دَنـَـا الـعَـيّـوقُ واكــتَـتَـمَ الـنّـبـوحُ أبو ذُؤيب الهُذَلي
-1-
تَحتالُ لفظَةُ الصُّورة في تبدِّيها الفَلسفي لو أُرِيدَ تحديدُها، بل إنَّ استقراءً تاريخيّاً يتصوَّبُ نحوَ ذلكَ الهدف، لن يَجدَ منطلقاتِه إلَّا ضمنَ الحَواضن المَعرفيّة لِمَا عَمِل عليهِ الفَلاسفة، لذا فإنّ هذه التَّوطِئة لا تُمهِّد لنتيجةٍ معكوسةٍ تُرسّخُ اعتقاداً مُسْتَلّاً من تراثِ النّقد العربي - على الأقل في مرحلته التّأسيسيّة - لفصلِ الشّعر بوصفِه أمثلةً وتطبيقاً عمليّاً يتحرّكُ بمعزِلٍ عن النَّظر الفلسفي فيه. اعتقادٌ لا يخلو من ترجيع نقديٍّ باهت حول الوَحْيويَّة أو القرين، لا يَلبثُ أن يعزلَ الشّعر، كما يعزلُ أيَّ فنٍّ آخر، عن كُلِّ مُنتِجاتِه الإنسانيّة ويَراها واقعةً خارجَه، عزلُ الإنسان عمَّا أنتَج، هكذا! كذلك الإمعان في التّحذير من ألّا جامعَ بين الاثنين، أو أنَّ مِزاجَهُما يُزري برهافة الفنّ المنشودة، أو ما اجتُهِدَ في إِطرائِه أي: الطّبْع.
